هل يشكل الاستثمار الدولي في سوريا مؤشرا لتحسن العلاقات مع إسرائيل؟

منذ ديسمبر/ كانون الأول العام الماضي، يكثف الرئيس السوري أحمد الشرع من تصريحاته التطمينية تجاه الأطراف الإقليمية والدولية وعلى رأسها إسرائيل، ما يعكس رغبة واضحة من دمشق لكسر الجمود السياسي وفتح قنوات حوار جديدة. 

غير أن هذا السلوك الإيجابي تجاه العلاقة مع تل أبيب يثير تساؤلات حقيقة: هل يستطيع الشرع الوفاء بالتزاماته والسيطرة على الداخل السوري الذي لا يزال يعاني من وضع أمني هش وهو ما تضعه إسرائيل ضمن أولى الاعتبارات للانطلاق إلى مرحلة جديدة من العلاقة مع سوريا. 

رؤية إقليمية براغماتية: 

وفيما بدا على المستوى الإقليمي أن الشرع يعمل على تقديم نموذج قائم على أساس التنقل بانسيابية على حبال التجاذبات بين دول المنطقة، فهو من ناحية يراعي بشدة مصالح الحلفاء خصوصا تركيا. ومن ناحية أخرى يحسب الخطى بدقة باتجاه إسرائيل بما يجنب بلاده سيناريوهات التصعيد، في الأثناء تراقب تل أبيب بدقة العلاقة بين أنقرة ودمشق، في ظل تخوف إسرائيلي معلن من أن تتحول تركيا إلى قوة إقليمية تميل نحو المحور القطري – الإيراني في المنطقة. 

خلف الكواليس: يتساءل مراقبون عن مدى قدرة الرئيس الشرع على موازنة المصالح الدولية والإقليمية وبنفس الوقت الحفاظ على تقدم الاتصالات السورية الإسرائيلية. تركيا التي تتخوف إسرائيل من تعاظم نفوذها، قطر الحاضرة ماليا واستثماريا بقوة في سوريا، وإسرائيل التي تعتبر ما يجري في جنوب سوريا مرتبطا بأمنها القومي.

استثمارات سياسية بضمانات سياسية: 

مؤخرا، أعلنت وزارة الطاقة السورية عن توقيع اتفاقات استثمارية بقيمة 7 مليارات دولار في مجال الطاقة، مع عدة شركات أميركية وقطرية وتركية وحضر توقيع الاتفاقات المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك. هذه الخطوة الاقتصادية الطموحة والتي جاءت في توقيت دقيق، لا يمكن قراءتها بمعزل عن الضمانات السياسية بأن سوريا وإسرائيل تقتربان من مرحلة جديدة من العلاقة، وهو ما عزز بالتالي ثقة المستثمرين الإقليميين والدوليين.

تأتي هذه التطورات وسط استمرار الاتصالات السورية الإسرائيلية، ونقل تقرير لوكالة رويترز عن خمسة مصادر مطلعة إن الاتصالات مستمرة ولكنها تركز على التهدئة الأمنية وليس تطبيع العلاقات، مما يعكس طبيعة المرحلة الانتقالية في العلاقة بين البلدين، كذلك نقل مصدر أمني إسرائيلي لقناة العربية في تقرير بأن إسرائيل لا تنوي التدخل في الشؤون السورية الداخلية. 

جاء هذا بعد أن صرح المبعوث الأميركي إلى سوريا توماس باراك عقب رفعه العلم الأميركي في سفارة بلاده بدمشق، أن السلام بين إسرائيل وسوريا قابل للتحقق. وكان قد نقل في هذا السياق نائبان من الكونغرس الأميركي عن الشرع طلبه الانضمام لاتفاقيات أبراهام.

هل تنجح سوريا في تحقيق اختراق؟:

خلف الكواليس: يتساءل مراقبون عن مدى قدرة الرئيس الشرع على موازنة المصالح الدولية والإقليمية وبنفس الوقت الحفاظ على تقدم الاتصالات السورية الإسرائيلية. تركيا التي تتخوف إسرائيل من تعاظم نفوذها، قطر الحاضرة ماليا واستثماريا بقوة في سوريا، وإسرائيل التي تعتبر ما يجري في جنوب سوريا مرتبطا بأمنها القومي. وفي هذا السياق صرح السفير الإسرائيلي لدى الولايات المتحدة أنه بإمكان كل من سوريا ولبنان الانضمام إلى اتفاقات أبراهام. 

السؤال الأهم: هل ينجح الشرع في احتواء الضغوط الداخلية والاحتفاظ بثقة الحلفاء وبنفس الوقت تحقيق اختراق في إطار المحادثات السورية الإسرائيلية؟ ما يبدو حتى الآن أن الاقتصاد سيكون أداة ناعمة لهذا الغرض وأن الاتصالات الأمنية ستمهد إلى تفاهمات أكبر دون الحاجة لإعلان سياسي في الوقت الراهن.