صمت أم تأييد؟ قراءة في الموقف السوري من التصعيد الإيراني الإسرائيلي

تأخذ المواجهة بين إسرائيل وإيران المنحى التصاعدي مع استمرار تبادل الضربات بين الطرفين، ودخول الولايات المتحدة على خط الصراع باستهدافها منشآت إيرانية حيوية، بعضها مرتبط ببرامج تخصيب اليورانيوم والتسلح النووي. 

ورغم أن صور الأقمار الصناعية لم تظهر أضرار تُذكر على منشأة فوردو، وهي أكثر منشآت تخصيب اليورانيوم الإيرانية تحصينا، فإن النبرة الأميركية هذه المرة بدت أكثر جدية، يقول ترمب إنها – الضربات الأميركية – ستكون أسهل وأقوى إذا ما أرادت الولايات المتحدة تكرار الهجمات. 

غير أن الأنظار، منذ بداية التوترات، توجهت نحو دمشق بربطها مع سؤال جاء بالبنط العريض: ما هو الموقف السوري من هذه التطورات؟

صمت محسوب أم دعم ضمني؟

رغم أن الصمت بدا وكأنه السمة العامة للموقف السوري، إلا أن ما يصدر عن دمشق يتجاوز مجرد الامتناع عن إبداء موقف، حيث ترجح المؤشرات أن سوريا تقدم شكلا من أشكال الدعم غير المباشر، وهي تحرص بشدة على ما يبدو على عدم الانخراط المباشر في النزاع، لتفادي أي ردود فعل إيرانية على الأراضي السورية، التي اختبرت الصواريخ الإيرانية على مدى سنوات.

ما هو الدعم غير المباشر إذاً؟. 

بالطبع، فإن المسألة لا تتعلق بصمت أو موافقة، بل يشبه تفاعلها إلى حد كبير التأييد الضمني، لنتمعن يما يلي: 

غياب التنديد باعتقالات نفذها الجيش الإسرائيلي ضد عناصر من حركة حماس داخل سوريا وحرية الحركة التي يحظى بها في الجنوب وقد وصلت إلى مشارف العاصمة دمشق، وليس سرا أن الطائرات الإسرائيلية تتزود بالوقود في الأجواء السورية، إضافة إلى الاعتقالات التي نفذتها الحكومة السورية والتي طالت شخصيات مرتبطة بحركة حماس المدعومة إيرانيا، والأهم هو الخروج عن نغمة الحليفين التركي والقطري المندّدة للمواجهة الإسرائيلية الإيرانية.

منذ بداية سقوط النظام، برزت تركيا بوصفها عقبة أمام الانفتاح السوري المحتمل على إسرائيل، أما إسرائيل فهي لا تخفي قلقها من تنامي النفوذ التركي داخل سوريا، والهيمنة على القرار السوري بما يشبه الدور الإيراني سابقا.

تركيا: عقبة أمام إعادة التموضع السوري

منذ بداية سقوط النظام، برزت تركيا بوصفها عقبة أمام الانفتاح السوري المحتمل على إسرائيل، أما إسرائيل فهي لا تخفي قلقها من تنامي النفوذ التركي داخل سوريا، والهيمنة على القرار السوري بما يشبه الدور الإيراني سابقا.

في المقابل، تبذل دمشق جهوداً واضحة لطمأنة الجانب الإسرائيلي، عبر خطوات عملية وتسريبات مدروسة على الفضاء العام إلى جانب جهود دبلوماسية يقودها الأميركيون لطي صفحة قديمة، وفي سياق المواجهة بين طهران وتل أبين، تجد سوريا في التصعيد الحالي فرصة لإثبات نواياها الجديدة وإظهار سياساتها الخارجية الجديدة. وبخلاف ذلك نددت تركيا وقطر بما وصفوه بـ “العدوان الإسرائيلي”. 

أما مستقبل العلاقة السورية والإسرائيلية، فتبقى أمامنا العديد من الاحتمالات والتساؤلات التي ستتضح أجوبتها في قادم الأيام: هل نحن أمام تحول جذري في العلاقات السورية الإسرائيلية؟ وإلى أي مدى سيؤثر النفوذ التركي على القرار السوري في هذا السياق؟ ما هو موقف قطر؟ وهل ترى في الصمت السوري إزاء المواجهة الإيرانية الإسرائيلية سلبية وتخاذلاً؟

أما السؤال الأهم وهو ما سيؤثر بشكل مباشر على العلاقات بين دمشق وتل أبيب: 

هل يسير محور ما يسمى بـ “المقاومة” نحو التفكك؟ أم أن الوقت للشرق الأوسط الجديد الذي طال الحديث عنه لم يحن بعد؟

الأيام القادمة قد تكون مليئة بالمفاجآت. المؤكد منها إلى الآن، أن الموقف السوري الجديد ليس صامتا، بل فاعلاً وإن بشكل ضمني في معادلات الصراع الإقليمي.