ضمن تطور لافت يظهر حجم التشابك الكبير في الملفات في الشرق الأوسط، كشفت صحيفة إسرائيل هيوم أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدفع برئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو للوصول إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، لكن اللافت هو هو الدفع الأميركي المتزامن لإسرائيل للتوصل إلى صيغة اتفاق مع سوريا بضمانات أميركية.
دمشق وغزة على نفس الطاولة:
وفق ما نقلته الصحيفة المقربة من الحكومة الإسرائيلية، لدى الرئيس ترامب رؤية تتمثل بأن الحل طويل الأمد لتثبيت هدنة في قطاع غزة يمر عبر العاصمة السورية دمشق. حيث يشير ما رشح من تسريبات إلى أن واشنطن تعمل على حزمة سياسية متكاملة، تشمل اتفاقا مباشرا بين تل أبيب ودمشق يفتح الباب أمام ترتيبات أمنية جديدة، ووقف إطلاق نار طويل الأمد في غزة، على أن يشكل ذلك ركيزة أساسية في مرحلة ما بعد التصعيد، ويأمل ترامب تنفيذ في أقرب وقت.
بالتزامن، استجاب الرئيس السوري أحمد الشرع للإشارات الأميركية وقام بزيارة إلى دولة الإمارات، هذه الزيارة أخذت أبعادا عدة من حيث التوقيت والمكان حيث تعرف الإمارات بدورها الرئيسي في صياغة اتفاقات أبراهام الهادفة للتطبيع بين إسرائيل والدول العربية.
الحراك السياسي رافق حراكا أمنيا آخر على الأرض، حيث شهدنا في اليومين الماضيين عمليات اعتقال متزامنة في البوكمال شرق سوريا وأخرى في الجنوب قامت بها القوات الإسرائيلية ضد عناصر وقياديين منتمين للحرس الثوري الإيراني، وسط حديث عن تنسيق غير معلن بين تل أبيب ودمشق، كجزء من تفاهمات أكبر.
تحرير الشام خارج قوائم الإرهاب:
إلا أن الأكثر أهمية كان إزالة الولايات المتحدة الأميركية هيئة تحرير الشام من على قوائم الإرهاب، ويرى مراقبون أنها خطوة لتشجيع تل أبيب وخلق بيئة تمهد الطريق لمفاوضات إقليمية أكثر سلاسة بين سوريا وجيرانها.
يأتي ذلك في وقت نقلت فيه وسائل إعلام إسرائيلية عن مصدر سوري أن أجتماعا مرتقب بين الشرع ونتنياهو سيعقد بواشنطن لتوقيع اتفاقية أمنية.
في ضوء هذه الترتيبات، يبدو أن المنطقة تتجه نحو مقاربة أميركية شاملة، تُعالج ملفات غزة وسوريا وإيران دفعة واحدة، بما يشبه “صفقة سلام إقليمية مؤقتة”، ترتكز على تبريد الجبهات الساخنة واستعادة خطوط التفاهم القديمة، لكن بصياغة جديدة.
ورغم أن الحديث عن “سلام شامل” لا يزال سابقًا لأوانه، إلا أن المؤشرات المتقاطعة من واشنطن وتل أبيب ودمشق تُظهر بوضوح أن الترتيبات الجارية أكبر من مجرد وقف مؤقت لإطلاق النار، وقد تؤسس لمرحلة جديدة من التفاعلات الإقليمية تُعيد تعريف الأعداء والحلفاء في مشهد معقَّد ومتغير.